كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 2)

القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ} [القصص: 71 - 72]
إذن فأنت أيها المتحرك في الكون ينطبق عليك ما ينطبق على كل متحرك، لابد لك من سكون بقدر حركتك، ولذلك انقسم الزمان إلى ليل تسكن فيه، وإلى نهار تتحرك فيه، ولذلك يقول الحق: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اليل لِبَاساً والنوم سُبَاتاً وَجَعَلَ النهار نُشُوراً} [الفرقان: 47]
ويعلم سبحانه أزلا أنه لا يمكن أن يكون الليل أي وقت الراحة سباتا لكل الناس، بل لابد من أناس يقومون بأمور تقتضي اليقظة بالليل، ولهؤلاء يقول سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم باليل والنهار} [الروم: 23]
إنه يعطي فرصة لهؤلاء الذين تظل عيونهم ساهرة طوال الليل ليستريحوا بالنهار إذن فمن عظمة الحق أنه جعل الزمان خلفة، فلو كان الليل سرمدا والنهار سرمدا لفسدت الحياة، ولذلك نجد أن الحق أقسم بقوله:
{والضحى واليل إِذَا سجى} [الضحى: 1 - 2]
فالضحى محل الحركة والكدح، والليل محل السكون، ولابد أن يوجد الاثنان معا. والحق سبحانه يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف اليل والنهار والفلك التي تَجْرِي فِي البحر} وكلمة «فلك» يستوي فيها المفرد والجمع، كقوله عن سفينة نوح:

الصفحة 687