كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)
ففي الدنيا يعطى الله الملك ظاهرا لبعض الناس. . ولكن في يوم القيامة ليس هناك ظاهر. . فالامر مباشر من الله سبحانه وتعالى. . ولذلك يقول الله في وصف يوم الدين: {كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدين} [الانفطار: 9] فكأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في الدنيا لتمضي بها الحياة. . ولكن في الآخرة لا توجد أسباب. الملك في ظاهر الدنيا من الله يهبه لمن يشاء. . واقرأ قوله تعالى: {قُلِ اللهم مَالِكَ الملك تُؤْتِي الملك مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ الخير إِنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26] ولعل قوله تعالى: «تنزع» تلفتنا إلى أن أحدا في الدنيا لا يريد ان يترك الملك.
. ولكن الملك يجب ان ينتزع منه انتزاعا بالرغم عن ارادته. . والله هو الذي ينزع الملك ممن يشاء. .
وهنا نتساءل هل الملك في الدنيا والآخرة ليس لله؟ . . نقول الأمر في كل وقت لله. . ولكن الله تبارك وتعالى استخلف بعض خلقه أو مكنهم من الملك في الأرض. . ولذلك نجد في القرآن الكريم قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ الله الملك إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ الله يَأْتِي بالشمس مِنَ المشرق فَأْتِ بِهَا مِنَ المغرب فَبُهِتَ الذي كَفَرَ والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين} [البقرة: 258]
الصفحة 69
15449