السيئة إنما يحرم المجتمع من حسنات صاحب السيئة.
ولذلك أقول: استروا سيئات المسيء؛ لأنها قد تلهمه أن يقدم من الخير ما يمحو به سيئاته.
ولذلك قالوا: إذا استقرأتَ تاريخ الناس، أصحاب الأنفس القوية في الأخلاق والقيم؛ قد تجد لهم من الضعف هنات وسَقَطات؛ ويحاولون أن يعملوا الحسنات كي تُذهِب عنهم السيئات؛ لأن بالَ الواحد منهم مشغولٌ بضعفه الذي يُلهِبه؛ فيندفع لفعل الخيرات.
وبعد أن اعترفتْ امرأة العزيز بما فعلت؛ قالت:
{وَأَنَّ الله لاَ يَهْدِي كَيْدَ الخائنين} [يوسف: 52] .
أي: أنها أقرَّتْ بأنه سبحانه وتعالى لا يُنفِذ كيد الخائنين، ولا يُوصِّله إلى غايته.
وتواصل امرأة العزيز فتقول: {وَمَآ أُبَرِّىءُ نفسي ... } .
هذا القول من تمام كلام امرأة العزيز؛ وكأنها توضح سبب حضورها لهذا المجلس؛ فهي لم تحضر لتبرىء نفسها:
{إِنَّ النفس لأَمَّارَةٌ ... } [يوسف: 53] .
ومجيء قول الحق سبحانه المؤكِّد أن النفس على إطلاقها أمَّارة بالسوء؛ يجعلنا نقول: إن يوسف أيضاً نفس بشرية.