كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)

حركة هي نهاية نهار في منطقة وبداية نهار في منطقة اخرى. . وبداية ليل في منطقة ونهاية ليل في منطقة اخرى.
. ولذلك في كل لحظة ينتهي يوم ويبدأ يوم. . وهكذا فإن الكرة الارضية لو أخذتها بنظرة شاملة لا ينتهي عليها نهار أبدا. . ولا ينتهي عنها ليل أبدا. . إذن فاليوم نسبي بالنسبة لكل بقعة في الارض. . ولكنه في الحقيقة دائم الوجود على كل الكرة الارضية.
والله سبحانه وتعالى يريد أن يطمئن عباده. . أنهم إذا أصابهم ظلم في الدنيا. . فإن هناك يوم لا ظلم فيه. . وهذا اليوم الامر فيه لله وحده بدون أسباب. . فكل انسان لو لم يدركه العدل والقصاص في الدنيا فإن الآخرة تنتظره. . والذي أتبع منهج الله وقيد حركته في الحياة يخبره الله سبحانه وتعالى ان هناك يوم سيأخذ فيه أجره. . وعظمة الآخرة أنها تعطيك الجنة. . نعيم لا يفوتك ولا تفوته.
ولقد دخل أحد الأشخاص على رجل من الصالحين. . وقال له: أريد أن أعرف. . أأنا من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة؟ . . فقال له الرجل الصالح. . ان الله أرحم بعباده، فلم يجعل موازينهم في أيدي أمثالهم. . فميزان كل انسان في يد نفسه. . لماذا؟ . . لأنك تستطيع أن تغش الناس ولكنك لا تغش نفسك. . ميزانك في يديك. . تستطيع أن تعرف أأنت من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة.
قال الرجل كيف ذلك؟ فرد العبد الصالح: اذا دخل عليك من يعطيك مالا. . ودخل عليك من يأخذ منك صدقة. . فبأيهما تفرح؟ . . فسكت الرجل. . فقال العبد الصالح: اذا كنت تفرح بمن يعطيك مالا فأنت من اهل الدنيا. . واذا كنت تفرح بمن يأخذ منك صدقة فأنت من أهل الآخرة. . فإن الانسان يفرح بمن يقدم له ما يحبه. . فالذي يعطيني مالا يعطيني الدنيا. . والذي يأخذ مني صدقة يعطيني الآخرة. . فإن كنت من أهل الآخرة. . فافرح بمن يأخذ منك صدقة. . أكثر من فرحك بمن يعطيك مالا.
ولذلك كان بعض الصالحين اذا دخل عليه من يريد صدقة يقول مرحبا بمن جاء يحمل حسناتي الي الآخرة بغير أجر. . ويستقبله بالفرحة والترحاب.

الصفحة 72