كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)

ان كل حركة من حركات منهج السماء قائمة على اساس ذلك اليوم الذي لن يفلت منه أحد. . والذي يجب علينا جميعا أن نستعد له. . ان الله سبحانه وتعالى سمى هذا اليوم بالنسبة للمؤمنين يوم الفوز العظيم. . والذي يجعلنا نتحمل كل ما نكره ونجاهد في سبيل الله لنستشهد. . وننفق اموالنا لنعين الفقراء والمساكين. . كل هذا أساسه أن هناك يوما سنقف فيه بين يدي الله. . والله تبارك وتعالى سماه يوم الدين. . لأنه اليوم الذي سيحاسب فيه كل انسان على دينه عمل به أم ضيعه. . فمن آمن واتبع الدين سيكافأ بالخلود في الجنة. . ومن أنكر الدين وأنكر منهج الله سيجازى بالخلود في النار. .
ومن عدل الله سبحانه وتعالى ان هناك يوما للحساب. . لأن بعض الناس الذين ظلموا وبغوا في الأرض ربما يفلتون من عقاب الدنيا. . هل هؤلاء الذين أفلتوا في الدنيا من العقاب هل يفلتون من عدل الله؟ . . أبدا لم يفلتوا. . بل إنهم انتقلوا من عقاب محدود الي عقاب خالد. . وافلتوا من العقاب بقدرة البشر في الدنيا. . الى عقاب بقدرة الله تبارك وتعالى في الآخرة. . ولذلك لابد من وجود يوم يعيد الميزان. . فيعاقب فيه كل من أفسد في الارض وأفلت من العقاب. . بل إن الله سبحانه وتعالى يجعل انسانا يفلت من عقاب الدنيا. . فلا تعتقد أن هذا خير له بل انه شر له. . لانه أفلت من عقاب محدود إلى عقاب أبدي.
والحمد الكبير لله بأنه {مالك يَوْمِ الدين} . . وهو وحده الذي سيقضي بين خلقه. فالله سبحانه وتعالى يعامل خلقه جميعا معاملة متساوية. . وأساس التقوى هو يوم الدين.
وقبل ان نتكلم عن قول الحق تبارك وتعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} . . لابد أن نتحدث عن قضية مهمة.
. فهناك نوعان من الرؤية. . الرؤية العينية أي بالعين. . والرؤية الإيمانية أي بالقلب. . وكلاهما مختلف عن الآخر. . رؤية العين هي أن يكون الشيء أمامك تراه بعينيك، وهذه ليس فيها قضية ايمان. . فلا تقول أنني أومن أنني أراك أمامي لانك تراني فعلا. . مادمت تراني فهذا يقين. . ولكن الرؤية الايمانية هي أن تؤمن كأنك ترى ما هو غيب أمامك. . وتكون هذه الرؤية أكثر يقينا من رؤية العين. . لأنها رؤية إيمان ورؤية بصيرة. . وهذه قضية مهمة جدا.

الصفحة 74