كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 12)

ونعلم أن هناك أناساً قد آمنوا بالله وبنعمه، ويشكرون الله عليها، فكيف يَصِف الحق سبحانه الإنسان بأنه ظَلوم كفَّار؟
ونقول: إن كلمة «إنسان» إذا أُطلِقتْ من غير استثناء فهي تنصرف إلى الخُسْران والحياة بلا منهج؛ ودون التفات للتفكير في الكون.
والحق سبحانه حين أراد أن يُوضِّح لنا ذلك قال: {والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ} [العصر: 1 - 2] .
ولذلك جاء سبحانه بالاستثناء بعدها، فقال: {إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر} [العصر: 3] .
ويقول سبحانه من بعد ذلك: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجعل ... } .
وحين يقول سبحانه (إذ) أي «اذكر» ويقول من بعد ذلك على لسان إبراهيم (رَبّ) ولم يَقُلْ «يا الله» ذلك أن إبراهيم كان يرفع دعاءه للخالق المربِّي، لذلك قال «ربّي» ولم يَقُل «يا الله» لأن عطاءَ الله تكليفٌ، وأمام التكليف هناك تخيير في أن تفعل ولا تفعل، مثل قوله سبحانه: {وَأَقِيمُواْ الصلاة ... } [البقرة: 43] .

الصفحة 7562