كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 13)

والصَّلْب إنما يكون على جذوع النخل؛ ولكن الحق سبحانه جاء ب (في) بدلاً من (على) ليدلَّ على أن الصَّلْبَ سيكون عنيفاً، بحيث تتدخل الأيدي والأرجُل المَصْلوبة في جذوع النخل.
وهنا يقول الحق سبحانه:
{أَبَشَّرْتُمُونِي على أَن مَّسَّنِيَ الكبر} [الحجر: 54] .
أي: أَتُبشِّرونني بالغلام العليم مع أنِّي كبير في العمر؛ والمفهوم أن الكِبَر والتقدُّم في العمر لا يتأتَّى معه القدرة على الإنجاب.
وهكذا تأتي «على» بمعنى «مع» . أي: كيف تُبشِّرونني بالغلام مع أنِّي كبير في العمر، وقد قال قولته هذه مُؤمِناً بقدرة الله؛ فإبراهيم أيضاً هو الذي أورد الحق سبحانه قَوْلاً له: {الحمد للَّهِ الذي وَهَبَ لِي عَلَى الكبر إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدعآء} [إبراهيم: 39] .
وكأن الكِبَر لا يتناسب مع الإنجاب، ويأتي رَدُّ الملائكة على إبراهيم خليل الرحمن: {قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ} .
وكأن الملائكة تقول له: لسنا نحن الذين صنعنا ذلك، ولكِنَّا نُبلغك ببشارة شاءها الله لك؛ فلا تكُنْ من اليائسين.
ونفس القصة تكررتْ من بعد إبراهيم مع ذكريا - عليه السلام - في إنجابه ليحيى، حين دعا زكريا رَبّه أن يهبَه غلاماً:

الصفحة 7724