كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)

تحمده وتؤمن به بفضل نعمه التي تحسها وتعيش فيها.
فاحذر من مخالفة منهجه لأنه «مالك يوم الدين» .
حين يستحضر الحق سبحانه وتعالى ذاته بكل هذه الصفات. . التي فيها فضائل الألوهية، ونعم الربوبية. . والرحمة التي تمحو الذنوب والرهبة من لقائه يوم القيامة تكون قد انتقلت من صفات الغيب الى محضر الشهود. . استحضرت جلال الألوهية لله وفيوضات رحمته. . ونعمه التي لا تحد وقيوميته يوم القيامة. .
عندما تقرأ قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} فالعبارة هنا تفيد الخصوصية. . بمعنى أنني اذا قلت لانسان انني سأقابلك، قد أقابله وحده، وقد أقابله مع جمع من الناس. ولكن اذا قلت اياك سأقابل. . فمعنى ذلك ان المقابلة ستكون خاصة. .
الحق سبحانه وتعالى حين قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} قصر العبادة على ذاته الكريمة. . لأنه لو قال نعبدك وحدك فهي لا تؤدي المعنى نفسه. . لأنك قد تقول نعبدك وحدك ومعك كذا وكذا. ولكن اذا قلت {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وقدمت إياك. . تكون قد حسمت الأمر بأن العبادة لله وحده فلا يجوز العطف عليها. . فالعبادة خضوع لله سبحانه وتعالى بمنهجه افعل ولا تفعل. . ولذلك جعل الصلاة أساس العبادة، والسجود هو منتهى الخضوع لله. . لأنك تأتي بوجهك الذي هو أكرم شيء فيك وتضعه على الأرض عند موضع القدم. فيكون هذا هو منتهى الخضوع لله. . ويتم هذا امام الناس جميعا في الصلاة. لإعلان خضوعك لله امام البشر جميعا.
ويستوي في العبودية الغني والفقير والكبير والصغير. . حتى يطرد كل منا الكبر والاستعلاء من قلبه امام الناس جميعا فيساوى الحق جل جلاله بين عباده في الخضوع له وفي اعلان هذا الخضوع.
وقول الحق سبحانه وتعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تنفي العبودية لغير الله. . أي لا نعبد غير الله ولا يعطف عليها أبدا. . اذن {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أعطت تخصيص العبادة لله وحده لا إله غيره ولا معبود سواه. . وعلينا أن نلتفت الي قوله تبارك وتعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ الله رَبِّ العرش عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: 22]

الصفحة 78