كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)
والله تبارك وتعالى قرن العبادة له وحده بالاستعانة به سبحانه. . فقال جل جلاله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي لا نعبد سواك ولا نستعين إلا بك. والاستعانة بالله سبحانه وتعالى تخرجك عن ذل الدنيا فأنت حين تستعين بغير الله فإنك تستعين ببشر مهما بلغ نفوذه وقوته فكلها في حدود بشريته. .
ولأننا نعيش في عالم أغيار فإن القوى يمكن أن يصبح ضعيفا. . وصاحب النفوذ يمكن أن يصبح في لحظة واحدة طريداً شريداً لا نفوذ له. . ولو لم يحدث هذا. فقد يموت ذلك الذي تستعين به فلا تجد احدا يعينك.
ويريد الله تبارك وتعالى أن يحرر المؤمن من ذل الدنيا. . فيطلب منه أن يستعين بالحي الذي لا يموت. . وبالقوي الذي لا يضعف، وبالقاهر الذي لا يخرج عن أمره أحد. . واذا استعنت بالله سبحانه وتعالى كان الله جل جلاله بجانبك. وهو وحده الذي يستطيع أن يحول ضعفك الي قوة وَذُلك الي عز. . والمؤمن دائما يواجه قوي أكبر منه. . ذلك أن الذين يحاربون منهج الله يكونون من الأقوياء ذوي النفوذ الذي يحبون أن يستعبدوا غيرهم. . فالمؤمن سيدخل معهم في صراع. . ولذلك فإن الحق يحض عباده المؤمنين بأنه معهم في الصراع بين الحق والباطل. . وقوله تعالى: «وإياك نستعين» مثل: «إياك نعبد» . . أي نستعين بك وحدك وهي دستور الحركة في الحياة. . لأن استعان معناها طلب المعونة، أي أن الانسان استنفد أسبابه ولكنها خذلته. . حينئذ لابد أن يتذكر أن له ربا لا يعبد سواه. لن يتخلى عنه بل يستعين به. . وحين تتخلى الأسباب فهناك رب الأسباب وهو موجود دائما. . لا يغفل عن شيء ولا تفوته همسة في الكون. . ولذلك فإن المؤمن يتجه دائما الى السماء. . والله سبحانه وتعالى يكون معه.
الصفحة 83
15449