كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 13)

فالحق سبحانه ينهى رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنْ يكون في ضيق من مكر الكفار؛ لأن الذي يضيق بأمر ما هو الذي لا يجد في مجال فكره وبدائله ما يخرج به من هذا الضيق، إنما الذي يعرف أن له منفذاً ومَخْرجاً فلا يكون في ضَيْق.
فالمعنى: لا تَكُ في ضيق يا محمد، فالله معك، سيجعل لك من الضيق مخرجاً، ويرد على هؤلاء مكرهم: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله والله خَيْرُ الماكرين} [الأنفال: 30] .
ولذلك يقول: لا كرب وأنت رب. فساعة أن تضيق بك الدنيا والأهل والأحباب، وتضيق بك نفسك فليسعْك ربك، ولتكُنْ في معيته سبحانه؛ ولذلك قال تعالى بعد ذلك: {إِنَّ الله مَعَ. .} .
هذه قضية معيّة الله لمن اتقاه، فمَنِ اتقى الله فهو في جواره ومعيته، وإذا كنت في معية ربك فمَنْ يجرؤ أن يكيدك، أو يمكرُ بك؟
وفي رحلة الهجرة تتجلى معية الله تعالى وتتجسد لنا في الغار، حينما أحاط به الكفار، والصِّدِّيق يقول للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: لو نظر أحدهم تحت قدميه لَرَآنا، فيجيبه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو واثق بهذه المعية: «يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما» .

الصفحة 8300