كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 14)

إذن: فأول خطوات ابتغاء فضل الله أن يتبيّن الإنسان المادة التي يتفاعل معها. لذلك، فالحق سبحانه جعل الظلمة سابقة للضياء. فقال تعالى: {وَجَعَلَ الظلمات والنور} [الأنعام: 1]
لأن النور محلٌّ للحركة، ولا يمكن للإنسان أن يعمل إلا بعد راحة، والراحة لا تكون إلا في ظُلْمة الليل.
وقوله تعالى: {وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين والحساب. .} [الإسراء: 12]
وهذه هي العِلَّة الأخرى لليل والنهار، حيث بمرورهما يتمّ حساب السنين.
وكلمة {عَدَدَ} تقتضي شيئاً له وحدات، ونريد أن نعرف كمية هذه الوحدات؛ لأن الشيء إنْ لم تكُنْ له كميات متكررة فهو واحد.
وقوله: {السنين والحساب. .} [الإسراء: 12]
لأنها من لوازم حركتنا في الحياة، فعن طريق حساب الأيام نستطيع تحديد وقت الزراعات المختلفة، أو وقت سقوط المطر، أو هبوب الرياح. وفي العبادات نحدد بها أيام الحج، وشهر الصوم، ووقت الصلاة، ويوم الجمعة، هذه وغيرها من لوازم حياتنا لا نعرفها إلا بمرور الليل والنهار.
ولو تأملتَ عظمة الخالق سبحانه لوجدتَ القمر في الليل، والشمس في النهار، ولكل منهما مهمة في حساب الأيام والشهور والسنين، فالشمس لا تعرف بها إلا اليوم الذي أنت فيه، حيث يبدأ اليوم بشروقها وينتهي بغروبها، أما بالقمر فتستطيع حساب الأيام والشهور؛ لأن الخالق سبحانه جعل فيه علامة ذاتية يتم الحساب على

الصفحة 8406