كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 14)

{الشَّمْسُ والقمر بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5]
أي: بحساب دقيق لا يختلّ، وطالما أن الخالق سبحانه خلقها بحساب فاجعلوها ضوابط لحساباتكم.
وقوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً. .} [الإسراء: 12]
معنى التفصيل أن تجعل بَيْناً بين شيئين، وتقول: فصلْتُ شيئاً عن شيء، فالحق سبحانه فصَّل لنا كل ما يحتاج إلى تفصيل، حتى لا يلتبس علينا الأمر في كل نواحي الحياة.
ومثال ذلك في الوضوء مثلاً يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة فاغسلوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المرافق} [المائدة: 6]
فأطلق غَسْل الوجه؛ لأنه لا يختلف عليه أحد، وحدَّد الأيدي إلى المرافق، لأن الأيدي يُختلف في تحديدها، فاليد قد تكون إلى الرُّسْغ، أو إلى المرفق، أو إلى الكتف، لذلك حددها الله تعالى، لأنه سبحانه يريدها على شكل مخصوص.
وكذلك في قوله تعالى: {وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبين} [المائدة: 6]
فالرأس يناسبها المسْح لا الغَسْل، والرِّجْلاَن كاليد لا بُدَّ أنْ تُحَدَّد. فإذا لم يوجد الماء أو تعذَّر استعماله شرع لنا سبحانه التيمم، فقال تعالى: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فامسحوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ. .} [النساء: 43]

الصفحة 8408