كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 14)

والتيمم يقوم مقام الوضوء، من حيث هو استعداد للصلاة ولقاء الحق سبحانه وتعالى، وقد يظن البعض أن الحكمة من الوضوء الطهارة والنظافة، وكذلك التيمُّم؛ لذلك يقترح بعضهم أن نُنظّف أنفسنا بالكولونيا مثلاً.
نقول: ليس المقصود بالوضوء أو التيمم الطهارة أو النظافة، بل المراد الاستعداد للصلاة وإظهار الطاعة والانصياع لشرع الله تعالى، وإلا كيف تتم الطهارة أو النظافة بالتراب؟
هذا الاستعداد للصلاة هو الذي جعل سيدنا علي زين العابدين رَضِيَ اللَّهُ عَنْه يَصْفرّ وجهه عند الوضوء، وعندما سُئِل عن ذلك قال: أتعلمون على مَنْ أنا مُقبل الآن؟
فللقاء الحق سبحانه وتعالى رهبة يجب أن يعمل لها المؤمن حساباً، وأنْ يستعدّ للصلاة بما شرعه له ربه سبحانه وتعالى.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ ... } .
كلمة (طائره) أي: عمله وأصلها أن العرب كانوا في الماضي يزجرون الطير، أي: إذا أراد أحدهم أنْ يُمضيَ عملاً يأتي بطائر ثم يطلقه، فإنْ مَرَّ من اليسار إلى اليمين يسمونه «السانح» ويتفاءلون

الصفحة 8409