كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 15)

أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ الله تتلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الجاثية: 78] .
وقد يتعدَّى الأمر مجرد السماع إلى منْع الكلام كما جاء في قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الذين مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ والذين مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الله جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بالبينات فردوا أَيْدِيَهُمْ في أَفْوَاهِهِمْ} [إبراهيم: 9] .
فليس الأمر منْع الاستماع، بل أيضاً منع الكلام، فربما تصل كلمة إلى آذانهم وهم في حالة انتباه فتُؤثّر فيهم، أي منعوهم الكلام كما يُقال: اسكت، أو أغلق فمك.
ثم يقول الحق سبحانه: {أَفَحَسِبَ الذين كفروا}
قوله تعالى: {أَفَحَسِبَ الذين كفروا أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دوني أَوْلِيَآءَ} [الكهف: 102] يعني: أعَمُوا عن الحق فظنُّوا أنْ يتخذوا عبادي من دوني أولياء؟ وسبق أن تحدثنا عن كلمة (عِبَادي) وقلنا: إنهم المؤمنون بي المحبون لي، الذين اختاروا مرادات الله على اختيارات نفوسهم، وفرَّقْنا بين عبيد وعباد.
والكلام هنا عن الذين كفروا الذين اتخذوا عباد الله المقربين إليه المحبين له أولياء من دون الله، كما قال تعالى: {لَّن يَسْتَنكِفَ المسيح أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ الملائكة المقربون} [النساء: 172] .
فكيف تتخذونهم أولياء من دوني وتعاندونني بهم وهم أحبتي؟
يقول تعالى: {وَقَالَتْ النصارى المسيح ابن الله} [التوبة: 30]

الصفحة 8999