كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 16)

مسألة خاصة به، خارجة على قانون الطبيعة، فليس في الأمر ذكورة أو انتقاء، إنما النفخة التي نفخها الله في آدم، فجاءت منها كل هذه الأرواح، هي التي نفخها في مريم، فجاءت منها روح واحدة. فالروح هي نفسها التي قال الله فيها: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي. .} [الحجر: 29] .
ثم يقول تعالى: {وَجَعَلْنَاهَا وابنهآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 91] يعني: شيئاً عجيباً في الكون، والعجيبة فيها أن تلدَ بدون ذكورة، والعجيبة فيه أن يُولَد بلا أب، فكلاهما آية لله ومعجزة.
ثم يقول الحق سبحانه بعد سَرْد لقطات من موكب الأنبياء:
{إِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً. .} .
الأمة: الجماعة يجمعها رباط واحد من أرض أو مُلك مَلِك أو دين، كما جاء في قوله تعالى: {وَجَدْنَآ آبَآءَنَا على أُمَّةٍ. .} [الزخرف: 22] يعني: على دين.
فالمراد: هذه أمتكم أمةٌ حال كَوْنها أمةً واحدة، لا اختلافَ فيها والرسل جميعاً إنما جاءوا ليتمموا بناءً واحداً، كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلاّ

الصفحة 9635