كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 16)

و (بَلْ) حرف إضراب عن الكلام السابق، وإثبات للكلام اللاحق، وهكذا يُراجِعون أنفسهم، ويُواجِه بعضهم بعضاً، لكن بعد فوات الأوان.
ثم يقول الحق سبحانه: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله. .} .
فالذين اتخذتموهم آلهة من دون الله من الأصنام والأوثان والشمس والقمر والأشجار سيسبقونكم إلى جهنم لنقطع عليكم أيَّ أمل في النجاة؛ لأنهم حين يروْنَ العذاب ربما تذكّروا هؤلاء، وفكَّروا في اللجوء إليهم والاستنجاد بهم، لعلّهم يُخرِجِونهم من هذا المأزق، وقد سبق أنْ قالوا عنهم: {هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله. .} [يونس: 18] وقالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى. .} [الزمر: 3] .
لذلك، يجمعهم الله جميعاً في جهنم ليقطع عنهم الآمال، ويبدو خجل المعبود وخيبة العابد؛ لأنه جاء النارَ فوجد معبوده قد سبقه إليها. . لكن، هل هذا الكلام على إطلاقه فقد عبد الكفارُ الأصنامَ، ومنهم مَنْ عبدوا عيسى عليه السلام، ومنهم مَنْ عبدوا عُزَيْراً، ومنهم مَنْ عبدوا الملائكة، فهل سيُجمع هؤلاء أيضاً مع عابديهم في النار؟
لو قُلْنا بهذا الرأي فدخولهم النار مثلما دخلها إبراهيم، فجمع الله له النار والسلامة في وقت واحد، ويكون وجودهم لمجرد أنْ يراهم

الصفحة 9656