كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 16)

نَطْوِي السمآء كَطَيِّ السجل لِلْكُتُبِ. .} [الأنبياء: 104] و (يَوْمَ) : زمن وظَرْف للأحداث، فكأن ما يحدث للكافرين من العذاب والتنكيل، وما يحدث للمؤمنين من الخلود في النعيم يتم في هذا اليوم.
والسجل: هو القرطاس، والورق الذي نكتب فيه يُسمَّى سجلاً؛ ولذلك الناس يقولون: نسجل كذا، أي: نكتبه في ورقة حتى يكون محفوظاً، والكتاب: هو المكتوب.
والحق سبحانه يقول في آية أخرى: {والسماوات مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ. .} [الزمر: 67] يطويها بقدرته؛ لأن اليمين عندنا هي الفاعلة في الأشياء، ولكن لا نأخذ الطي أنه الطي المعروف، بل نأخذه في إطار {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. .} [الشورى: 11] .
وقوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ. .} [الأنبياء: 104] يدلنا على أن الحق سبحانه يتكلم عن الخَلْق الأول و {نُّعِيدُهُ. .} تدل على وجود خَلْق ثَان.
إذن: فقوله تعالى في موضع آخر: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض والسماوات وَبَرَزُواْ للَّهِ الواحد الْقَهَّارِ} [إبراهيم: 48] دليل على أن الخَلْق الأول خَلْق فيه الأسباب وفيه المسبّب، فالحق سبحانه أعطاك في الدنيا مُقوِّمات الحياة من: الشمس والقمر والمطر والأرض والماء ... . الخ، وهذه أمور لا دَخْل لك فيها، وكل ما عليك أنْ تستخدمَ عقلك الذي خلقه الله في الترقي بهذه الأشياء والترف بها.

الصفحة 9663