كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 16)

فإنه يصهر ما في بطونهم أولاً، ثم جلودهم بعد ذلك، فاللهم قِنَا عذابك يوم تبعث عبادك.
المقامع: هي السياط التي تقمع بها الدابة، وتَرْدعها لتطاوعك، أو الإنسان حين تعاقبه، لكنها سياط من حديد، ففيها دلالة على الذِّلَّة والانكسار، فضلاً عن العذاب.
ثم يُبيِّن الحق سبحانه مهمة هذه المقامع، فيقول: {كُلَّمَآ أرادوا أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا. .} .
الحق - سبحانه وتعالى - يُصوّر حال أهل النار وما هم فيه من العذاب ومن اليأس في أن يُخفف عنهم، فإذا ما حاولوا الخروج من غَمِّ العذاب جاءتهم هذه السياط فأعادتهم حيث كانوا، والإنسان قد يتعود على نوع من العذاب فيهون عليه الأمر، كالمسجون مثلاً الذي يُضْرب بالسياط على ظهره، فبعد عدة ضربات يفقد الإحساس ولا يؤثر فيه ضَرْب بعد ذلك.
وقد أجاد المتنبي في وصف هذا المعنى حين قال:
رَمَاني الدَّهْرُ بالأَرْزَاءِ حتّى ... كَأنِّي فِي غِشَاءٍ مِنْ نِبَالِ

الصفحة 9762