كتاب الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (اسم الجزء: 1)

بلسان، وجهادٌ بقلب: فأول ما يُغلبُ عليه من الجهاد: جهادُ اليد، ثم جهادُ اللسان ثم جهادُ القلب، فإذا كان القلب لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً نُكسَ وجُعل أعلاه أسفله".
191 - * روى الطبراني عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "جاهدوا المنافقين بأيديكم فإن لم تستطيعوا إلا أن تكفهِرُّوا في وجوههم فاكفهرُّوا في وجوههم"!
192 - * روى مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كنا عند عمر فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرُ الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه، فقال: لعلكُم تعنُون فتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل، قال: تلك يُكفرُها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر التي تموجُ موجَ البحر؟ قال حذيفة: فأسكت القوم، فقلت: أنا، قال: أنت لله أبوك، قال حذيفة: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأيُّ قلب أُشْرِبَها نُكِتَ فيه نكتةٌ سوداء، وأيُّ قلب أنكرها نكت فيه نكتةٌ بيضاء، حتى تصير على قلبين: أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنةٌ، ما دامت السماوات والأرض، والآخر: أسود مُرباداً، كالكوز مُجَخِّياً، لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً، إلا ما أُشرب من هواهُ".
__________
191 - مجمع الزوائد (7/ 276) وقال الهيثمي: رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما شريك وهو حسن الحديث وبقية رجاله رجال الصحيح.
192 - مسلم (1/ 128) 1 - كتاب الإيمان، 65 - باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً.
(كالحصي عُوداً عودا): قال الحميدي: في بعض الروايات "عَرْضَ الحصير" والمعنى فيهما: أنها تحيط بالقلوب كالمحصور المحبوس، يقال: حصره القوم: إذا أحاطوا به، وضيقوا عليه، قال: وقال الليث: حصير الجَنْب: عِرْق يمتد معترضاً على الجنب إلى ناحية البطن، شبه إحاطتها بالقلب بإحاطة هذا العِرق بالبطن، وقوله "عُودا عوداً" أي مرة بعد مرة، تقول: عاد يعود ُ عودة وعُوداً.
(أُشر بها): أُشْرِب القلب هذا الأمر: إذ دخل فيه وقبِلَهُ وسكن إليه، كأنه قد شربه.
(نُكت فيه نكتة سوداء): أي أثر فيه أثراً أسود، وهو دليل السخط ولذلك قال في حالة الرضى: نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير القلوب على قلبين، أي على قسمين.
(مرباداً): المربادُّ والمُرْبَدُّ: الذي في لونه رُبدة، وهي بين السواد والغُبرة.
(كالكوز مجخيا): المجخي: المائل عن الاستقامة والاعتدال هاهنا، وجخي الرجل في جلوسه: إذا جلس مستوفزاً، وجخي في صلاته: إذا جافى عضديه عن جوفه ورفع جوفه عن الأرض وخوى. ابن الأثير.

الصفحة 152