كتاب الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (اسم الجزء: 4)

الشأن هو بعض ما يقال ويبقى في الإعجاز سر هو كسر الروح بالنسبة للإنسان، فكما أن الله عز وجل قال عن الروح: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} (1).
فكذلك هذا القرآن فإن الله عز وجل سماه روحاً، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} (2) فمهما تكلم المتكلمون في الإعجاز فإن الإعجاز شيء أعظم وأكبر وأدق أسراراً.
لقد تفنن الكاتبون في التدليل على الإعجاز فمنهم من أقام الحجة على الإعجاز بما في هذا القرآن من معجزات ومنهم من أقام الحجة على الإعجاز باستسلام العرب لهذا الإعجاز، ومنهم من أقام الحجة من خلال عرضه للمعاني ومنهم من أقام الحجة بتبيان الفارق بين أسلوب القرآن وأسلوب الحديث النبوي، ومنهم من أقام الحجة على إعجاز القرآن من خلال نزوله مفرقاً وتناسقه وتناسب آياته وسوره، ومنهم من أقام الحجة على إعجازه من خلال التدليل على أنه اجتمع فيه ما لا يصل إليه البشر من أساليب وفصاحة وبيان، ومنهم من أقام الحجة على إعجازه بالمقارنة بينه وبين غير في ضروب الهداية في كل شيء وفي موقفه من كل شيء مبرهنين على أنه الأعلى والأهدى، ومنهم من برهن على الإعجاز من خلال ما فيه من سياسات في إصلاح النفوس والمجتمعات ومنهم من برهن على الإعجاز بتبيان ما في حروفه وكلماته وجمله وآياته وسوره من كمالات لا يتناهى حسنها وجمالها.
وكما قلنا فإن كثيرين قد خلطوا في الكلام عن الإعجاز بين ما هو إعجاز في القرآن وبين ما هو معجزات، المهم أن الكثيرين ممن كتبوا في الإعجاز كان همهم أن يبرهنوا على أنه يستحيل أن يكون هذا القرآن بشري المصدر، إلا أنه كما ذكرنا فإن الإعجاز غير المعجزات، وكل من كتب في الإعجاز حاول أن يضع يده على السر، ولكن سر الإعجاز يبقى أكبر وأعظم وأدق من أن يستطيع أحد أن يعبر عنه على الكمال والتمام أما التدليل على استحالة أن يكون هذا القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم أو أن يكون بشري المصدر أصلاً.
__________
(1) الإسراء: 85.
(2) الشورى: 52.

الصفحة 1574