كتاب الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (اسم الجزء: 4)

فالأدلة على ذلك لا تتناهى: منها إعجازه ومنها معجزاته ومنها الكثير مما يستحيل عادة أن يصدر من إنسان في حق نفسه أو في حق غير، وقد حاولنا في كتابنا (الأساس في التفسير) وفيما كتبناه في كتاب (الرسول صلى الله عليه وسلم) أن نتحدث عن مثل هذه المعاني، ولكن كما قلنا: فإن التدليل على أن هذا القرآن من عند الله أوسع بكثير من الكلام على مجرد الإعجاز، فالأدلة على أن هذا القرآن من عند الله أوسع وأكثر، فآيات العتاب التي عاتب بها الله رسوله صلى الله عليه وسلم دليل على أن هذا القرآن من عند الله، وما نزل من القرآن بعد طول انتظار دليل على أن هذا القرآن من عند الله، والحالة التي كانت تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند نزول القرآن ثم يظهر على أثرها النص القرآني الذي لا مثيل له في الفصاحة والبلاغة والمعنى، دليل على أن هذا القرآن من عند الله، وتحدي الرسول صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب أن يلاعنوه بأمر من القرآن وكذلك تحديه اليهود أن يتمنوا الموت دلائل واضحة على المصدر الرباني، ثم إن كل إنسان يحب أن ينسب لنفسه ما يعتبر فريداً من نوعه فلو كان غير رباني المصدر لنسبه لنفسِه صلى الله عليه وسلم وحاشاه.
وإن قيل نسبه لربه ليكون أدعى لاستجابة الناس فالرد بسيط وهو لماذا لم ينسب أقواله كلها له؟ وما عرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفتي الأمانة والصدق باعتراف خصومه وشهادة الواقع والأتباع تأبى عليه أن لا يكون في قمة الصدق.
وما في القرآن من أنباء الماضي وحقائق الغيب مما لا يمكن أن يتلقى بالدراسة أو ينال بالفراسة دلائل ناطقة على ربانية المصدر.
ويتوج ذلك كله بأن كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ولا يعرف في سيرته أنه اتصل بأحد من علماء زمانه (انظر لمزيد بيان كتاب: النبأ العظيم ص: 72 فيما بعدها) كل ذلك وغيره كثير مما يدخل في أدلة أن هذا القرآن من ند الله ولكن تحديد الكلام في الإعجاز هو جزء من هذا الموضوع الكلي الذي يسمى الإعجاز ومن هنا كان الكلام الذي ينصب على الإعجاز فقط هو الذي ينبغي أن يكون محل التركيز وقد كان، ولكن كل ما قيل في ذلك يبقى أقل من أن نعتبره محيطاً بأسرار الإعجاز.
لقد تحدث بعضهم عن قوة تأثير القرآن في أعدائه وأوليائه، وهو في الحقيقة أثر عن

الصفحة 1575