كتاب الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (اسم الجزء: 1)

فليبلغ شاهدكم غائبكم، ألا! ثم إنكم تُدعون مقدمةً أفواهكم بالقدام، ثم إن أوَّل شيء يُنبيء عن أحدكم لفخذهُ وكفُّهُ، قال: قلتُ: يا رسول الله! هذا ديننا؟ قال: هذا دينك وأينما تُحسن يكفكَ".
234 - * روى أحمد عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحِجْرَ في غزوة تبوك قام فخطب الناس فقال: "يا أيها الناسُ! لاتسألوا نبيكم عن الآيات! هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث لهم ناقةً، ففعل، فكانت ترِدُ من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم وردها ويحلبون من لبنها مثل الذي كانوا يُصيبون عن غِبِّها ثم تصدرُ من هذا الفج فعقروها، فأجَّلهم الله ثلاثة أيامٍ - وكان وعد الله غير مكذوبٍ - ثم جاءتهم الصيحة فأهلك الله من كان منهم بين السماء والأرض إلا رجلاً كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله؛ قيل: يا رسول الله! من هو؟ قال: أبو رِغالٍ".
235 - * روى مسلم عن معاوية بن الحكم السُّلَمي رضي الله عنه قال: بينا أنا أُصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجلٌ من القوم، فقلت: يرحمُك الله، فرماني القومُ بأبصارهم، فقلت: واثكل أماهُ!! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُصمتونني لكني سكتُّ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فبأبي هو وأمي، ما رأيتُ معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه - فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ثم قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس (1)، إنما هي التسبيحُ
__________
= (مقدمة أفواهُكم بالفِدام): هو ما يشد على فم أبريق وكوز من خرقة لتصفية الشراب، أي يمنعون من الكلام بأفواههم حتى تتكلم جوارحهم.
234 - كشف الأستار (2/ 356) باب غزوة تبوك.
مجمع الزوائد (6/ 194) وقال الهيثمي: رواه البزار والطبراني في الأوسط، وأحمد بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح.
(الفج): الطريق الواسع.
(الغب): من إيراد الإبل أي أن ترد الماء يوماً وتدعه يوماً ثم تعود.
(عقروها): نحروها، وأصل العقر ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم.
235 - مسلم (1/ 381) 5 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، 7 - باب تحريم الكلام في الصلاة.
(الشكل): بضم الثاء المثلثة المصيبة والفجيعة.
(ما كهرني): أي ما نهرني.

الصفحة 174