كتاب الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (اسم الجزء: 4)
لا أدري، هو هذا معتزلٌ في هذه المشربة، فأتيت غلاماً له أسود، فقلت، استأذن لعمر، فدخل ثم خرج إليَّ، قال: قد ذكرتك له فصمت، فانطلقت حتى إذا أتيتُ المنبر فإذا عنده رهط جلوس، يبكي بعضهم، فجلستُ قليلاً، ثم غلبني ما أجد فأتيتُ الغلام، فقلت: استأذن لعمر، فدخل، ثم خرج إليَّ، فقال: قد ذكرتك له فصمت، فخرجتُ فجلست إلى المنبر، ثم غلبني ما أجدُ، فأتيتُ الغلام، فقلت: استأذن لعمر، فدخل ثم خرج فقال: قد ذكرتك له، فصمتَ، فوليت مدبراً، فإذا الغلام يدعوني، فقال: ادخُلْ فقد أُذن لك، فدخلت، فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو متكيء على رمال حصيرٍ، قد أثر في جنبه، فقلت: أطلقت يا رسول الله نساءك؟ فرفع رأسه إلأيَّ، فقال: لا، فقلت: الله أكبر، لو رأيتنا يا رسول الله، وكنا معشر قريش نغلبُ النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فتغضبْتُ على امرأتي يوماً، فإذا هي تراجعني، فأنكرتُ ان تراجعني، فقالت: ما تُنكرُ أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج رسول الله ليراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلأى الليل، فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر، أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله، فإذا هي قد هلكت؟ فتبسم رسول الله صلى الله ليه وسلم. فقلت: يا رسول الله، قد دخلتُ على حفصة فقلت: لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسمُ وأحبُّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، فتبسم أخرى، فقلت: أستأنسُ يا رسول الله؟ قال: نعم، فجلستُ، فرفعتُ رأسي في البيت، فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرُدُّ البصر، إلا أُهْبَةً ثلاثةً، فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يوسع على أمتك، فقد وسع على فارس والروم، وهم لا يعبدون الله فاستوى جالساً، ثم قال: أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قومٌ عُجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا، فقلت: استغفر لي يا رسول الله. وكان أقمس أن لا يدخل عليهن شهراً من أجل ذلك الحديث، حين أفشته حفصة إلى عائشة، من شدة موجِدته عليهن حتى عاتبه الله تعالى (1).
__________
= (المشربةُ) بضم الراء وفتحها: الغرفة.
(رمال حصير) يقال: رملتُ الحصير: إذا ضفرته ونسجته، والمراد: أنه لمي كن عل السرير وطاء سوى الحصير.
(العجلة): هو أن ينقر الجذع ويجعل فيه مثل الدرج ليصعد فيه إلى الغرف وغيرها.
(أهبة، وأهُب) الأهبُ: جمع إهاب، وكذلك الأهبة، والإهاب: الجلد، ويُجمع أيضاً على أهبٍ بالضم.
(الموجدةُ) الغضب.
الصفحة 2002
3464