كتاب الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (اسم الجزء: 4)

قال الحافظ في "الفتح" 8/ 742 "هكذا وقع اللفظ مبهماً (1)، وكأن بعض الرواة أبهمه استعظاماً له، وأظن ذلك من سفيان، فإن الإسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء عن سفيان كذلك على الإبهام. وكنت أظن أولا أن الي أبهمه البخاري، لأني رأيت التصريح به في رواية أحمد عن سفيان، ولفظه: "قلت لأبي بن كعب: إن أخاك يحكمها من المصحف" وكذا أخرجه الحُميديُّ عن سفيان. ومن طريقه أبو نعيم في"المستخرج" وكأن سفيان كان تارة يصرح بذلك، وتارة يبهمه، وقد أخرجه أحمد أيضاً وابن حبان من رواية حماد بن سلمة عن عاصم بلفظ: "إن عبد الله بن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه" وأخرج محمد عن أبي بكر بن عياش عن عاصم بلفظ: "إن عبد الله يقول في المعوذتين" وهذا أيضاً فيه إبهام، وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات "المسند" والطبراني، وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي قال: "كان عبد الله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه، ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله" قال الأعمش: وقد حدثنا عاصم عن زر عن أبي بن كعب فذكر نحو حديث قتيبة، وقد أخرجه البزار، وفي آخره يقول: "إنما أُمِرَ النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما" قال البزار: ولم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم "انه قرأهما في الصلاة".
قال ابن حجر: هو في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر، وزاد فيه ابن حبان من وجه آخر عن عقبة "فإن استطعت أن لا تفوتك قراءتهما في صلاة فافعل" وأخرج أحمد من طريق أبي العلاء بن الشخير عن رجل من الصحابة " أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه المعوذتين، وقال له: إذا أنت صليت فاقرأ بهما" وإسناده صحيح، ولسعيد بن منصور من حديث معاذ بن جبل "أن النبي صىل الهل عليه وسلم صلى الصبح فقرأ فيهما بالمعوذتين".
وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب "الانتصار" وتبعه عياض وغيره ما حُكي عن ابن مسعود فقال: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئاً إلا إن كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن في
__________
(1) (مبهما): يعني قوله: يقول كذا وكذا.

الصفحة 2029