كتاب الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (اسم الجزء: 1)
موسى، فقال أبو موسى: أرأيت يا أبا عبد الرحمن: لو أن رجلاً أجنبَ، فلم يجِد الماء شهراً: كيف يصنع بالصلاة؟ فقال عبد الله: لا يتيمم، وإن لم يجد الماء شهراً، فقال أبو موسى: فكيف بهذه الآية في سورة المائدة: (فلم تجدوا ماء) (1)؟ فقال عبد الله: لو رُخِّص لهم في هذه الآية لأوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمَّمُوا بالصعيد، قلت: وإن كرهتم هذا لذا؟ قال، نعم، فقال أبو موسى لعبد الله: ألم ستمعْ قول عمارٍ لعمر: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجبتُ، فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد كما تمرغُ الدابةُ، ثم أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلك له، فقال: "إنما يكفيك أن تصنع هكذا - وضرب بكفيه ضربةً على الأرض - ثم نفضها، ثم مسح بها ظهر كفه بشماله - أو ظهر شماله بكفه - ثم مسح بها وجهه؟ ".
وعند مسلم (2): "إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه إلى الأرض ضربةً واحدةً، ثم مسح الشمال على اليمين، وظاهر كفيْهِ ووجهه - فقال عبد الله: أو لم ترَ عمر لم يقنعْ بقول عمار؟.
وفي رواية (3): قال أبو موسى: فدعنا من قول عمارٍ، فكيف تصنع بهذه الآية؟ فما دري عبد الله ما يقول؟ ".
وفي أخرى (4): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما كان يكفيك أن تقول هكذا، وضرب بيديه الأرض، فنفض يديه، فمسح وجهه وكفيه".
أخرجه البخاري ومسلم، إلا أن مسلماً لم يقل: فقال: إنما كرهتُم هذا لذا؟ قال: نعم.
أقول: كانت مناقشة عبد الله بن مسعود في مرحلة، ثم انعقد الإجماع، وحديث عمار هذا أخذ به المالكية والحنابلة ولكنهم استحبوا المسح إلى المرفقين ولم يأخذ به الحنفية
__________
(1) المائدة: 6.
(2) مسلم، الموضع السابق.
(3) البخاري، (1/ 455) 7 - كتاب التيمم، 7 - باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو العطش تيمم.
(4) مسلم، الموضع السابق.