كتاب الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (اسم الجزء: 1)

مع الإسلام أو تعارض ما ظنه الناس مروءة مع الإسلام، فذلك علامة على فساد الذوق وسخف المروءة، أما إذا لم يتعارض شيء من ذلك مع الإسلام، فالذوق مقبول، بل مطلوب، والمروءات مقبولة، بل مطلوبة، وهل ذلك إلا العرف والمعروف.
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (1).
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (2).
أنْ ترتب بيتك على ما ترتاح له الأذواق بما لا يتناقض مع شريعة، وأن تلبس لكل حالة لبوسها الذي يريح القلوب والأبصار، وأن تقدم للناس النظيف الجميل، أليس ذلك في محله من الحكمة؟ واقرأ هذا النص:
11 - * روى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم "إنكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا رحالكم وأحسنوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في أعين الناس، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش".
وألا تسمح لنفسك أن تسف في القول والعمل، وألا تسمح لحد أن يسف بحضرتك بما ينقض وقاراً أو حلماً أو كمالاً، وألا تسمح لنفسك أن تفعل ما ينكره عقل أو شرع أو عرف أليس ذلك من الحكمة؟، واقرأ ما يقوله علي رضي الله عنه: "لا تفعل ما يسبق إلى العقول إنكاره وإن كان عندك اعتذاره".
عندما تدرس التربية النبوية، تجد التربية للأذواق مستمرة، وتجد الحوادث المعبرة عن سلامة الذوق كثيرة في حياة الصحابة.
فمثلاً عندما يراق الماء في العلية التي كان يسكنها أبو أيوب والتي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكن أسفل منها بناء على رغبته للتسهيل على ضيفانه، نجد أبا أيوب يلتقط الماء خشية أن ينزل منه شيء على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيؤذيه، إنك تجد ههنا ذوقاً رفيعاً.
__________
(1) سورة الأعراف: 199.
(2) سورة آل عمران: 110.
11 - أبو داود (4/ 58) كتاب اللباس، باب ما جاء في إسبال الإزار، وإسناده حسن.

الصفحة 53