كتاب الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (اسم الجزء: 2)

قال: أراد النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان أشياء، لم يصنع منها شيئاً، قال فرأى عبد الله بن زيد الأذان في المنام، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: "ألقه على بلال"، فألقاه عليه، فأذن، فقال عبد الله: أنا رأيته، وأنا كنت أريده، قال: "فأقم أنت".
وأخرجه الترمذي (1) عن عبد الله بن زيد، قال: لما أصبحنا أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بالرؤيا، فقال: "إن هذه لرؤيا حق، فقم مع بلال، فإنه أندى وأمد صوتاً منك، فألق عليه ما قيل لك، وليناد بذلك"، قال: فلما سمع عمر بن الخطاب نداء بلال بالصلاة، خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجر إزاره، وهو يقول: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي قال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلله الحمد" فذلك أثبت.
قال الترمذي (2): وقد روى هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق أتم من هذا الحديث وأطول، وذكر قصة الأذان مثنى مثنى، والإقامة مرة. وله في أخرى (3)، قال: كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعاً شفعاً، في الأذان والإقامة.
782 - * روى الطبراني عن سلمة بن الأكوع قال: "كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة فرادى".
__________
(1) الترمذي (1/ 359) أبواب الصلاة، 139 - باب ما جاء في بدء الأذان قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2) الترمذي في نفس الموضع ص 360.
(3) الترمذي (1/ 371) أبواب الصلاة، 142 - باب ما جاء أن الإقامة مثنى. وهو حديث صحيح.
(شفعاً ووتراً) الشفع: الزوج، والوتر: الفرد أراد: أن الأذان مثنى مثنى، وأن الإقامة فرد فرد قال الخطابي في حديث عبد الله بن زيد: روي هذا الحديث بأسانيد مختلفة، وهذا الإسناد أصحها، وفيه: أنه "ثنى الأذان، وأفرد الإقامة" قال: وهو مذهب أكثر علماء الأمصار، وبه جرى العمل في الحرمين والحجاز، وبلاد الشام، واليمن، وديار مصر، ونواحي المغرب، إلى أقصى هجر من بلاد الإسلام، وهو قول الحسن ومكحول والزهري ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم. قال: ولم يزل ولد أبي محذورة- وهم الذين يلون الأذان بمكة- يفردون الإقامة، ويحكونه عن جدهم. قال: وكان سفيان الثوري وأصحاب الرأي يرون الأذان والإقامة مثنى مثنى.
وقوله "طاف بي" يريد: الطيف الذي يراه النائم.
أقول: قوله (فإنه أندى وأمد صوتاً منك) يدل على استحباب أن يكون المؤذن حسن الصوت قوي الإسماع.
782 - مجمع الزوائد (1/ 331) كتاب الصلاة، باب كيف الأذان.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن.

الصفحة 552