كتاب الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (اسم الجزء: 2)
"فنصفها لي، ونصفها لعبدي- فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين) قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال الله: أثنى علي عبدي، وإذا قال: (مالك يوم الدين) قال: مجدني عبدي"- وقال مرة: "فوض إلي عبدي- وإذا قال: (إياك نعبد وإياك نستعين) قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل".
وفي رواية الترمذي (1) وأبي داود (2)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج"، غير تمام، قال أبو السائب- مولى هشام بن زهرة- قلت: يا أبا هريرة، إني أحياناً أكون وراء الإمام؟ قال: فغمز ذراعي، ثم قال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي ... وساق نحو ما تقدم، وقال في آخرها: "هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل".
وفي أخرى لأبي داود (3)، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخرج فناد في المدينة: إنه لا صلاة إلا بقرآن، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد". وفي رواية للترمذي (4) ولأبي داود (5): "أمرني أن أنادي: لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب"
__________
الفجر كان مشهوداً) [الإسراء: 78] أراد صلاة الفجر، لانتظام أحدهما بالآخر. والصلاة خالصة لله تعالى، لا شرك فيها لأحد، وحقيقة هذه القسمة التي جعلها بينه وبين عبده: راجعة إلى المعنى، لا إلى متلو اللفظ، لأن السورة من جهة اللفظ نصفها ثناء، ونصفها مسألة ودعاء، وقسم الثناء انتهى عند قوله: (إياك نعبد)، وقوله (وإياك نستعين) من قسم الدعاء. ولذلك قال: "وهذه بيني وبين عبدي" ولو كان المراد: قسمة الألفاظ والحروف، لكان النصف الآخر يزيد على الأول زيادة بينة، فيرتفع معنى التعديل والنصيف، فعلم أنما هو قسمة المعاني.
(مجدني) المجيد: الكريم والشريف، والتمجيد: التعظيم والتشريف.
(فوض) يقال: فوض فلان أمره إلى فلان: إذا رده إليه، وعول فيه عليه.
(1) الترمذي (2/ 121) أبواب الصلاة، 233 - باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام.
(2) أبو داود (1/ 216) كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته [بفاتحة الكتاب].
(3) أبو داود في نفس الموضع السابق.
(4) الترمذي (2/ 121، 122) أبواب الصلاة، 233 - باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام.
(5) أبو داود (1/ 216) كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته [بفاتحة الكتاب].