كتاب الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (اسم الجزء: 2)

- تنزيه المسجد عن الرائحة الكريهة:
1459 - * روى الستة عن جابر رفعه: "من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته، وأنه أتي بقدر فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحاً فسأل: فأخبر بما فيها من البقول فقال: قربوها إلى بعض أصحابه فلما رآه كره أكلها: قال: كل فإني أناجي من لا تناجي".
وفي رواية (2) نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها، فقال: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس".
أقول: لم يفهم الصحابة النهي على التحريم، بل فهموه على أنه خلاف الأولى أو فهموه على أنه مباح لكن يراعى به حق الغير من الملائكة والناس في عدم الإيذاء، وههنا قاعدة عظيمة في الإسلام وهي: أن المباح الذي تتأذى منه الملائكة يجوز للإنسان أن يفعله لأن حق المسلم في استعمال المباح مقدم والملائكة عليهم السلام لهم مندوحة في أن يتجنبوا ما يؤذيهم أو عليهم أن يتحملوه إذا كانوا مكلفين بصحبة المكلف.
قال النووي بعد أن ذكر حديث مسلم بلفظ "فلا يقربن المساجد" هذا تصريح بنهي من أكل الثوم ونحوه عن دخول كل مسجد وهذا مذهب العلماء كافة إلا ما حكاه القاضي عياض عن بعض العلماء أن النهي خاص بمسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقوله في رواية "مسجدنا" وحجة الجمهور فلا يقربن المساجد ...
ثم إن النهي إنما هو عن حضور المسجد لا عن أكل الثوم والبصل ونحوهما فهذه البقول
__________
1459 - البخاري (2/ 339) 10 - كتاب الأذان، 160 - باب ما جاء في الثوم النيئ والبصل والكراث.
مسلم (1/ 394، 395) 5 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، 17 - باب نهي من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً.
(2) مسلم (1/ 394) نفس الموضع السابق.
أبو داود (3/ 360) كتاب الأطعمة، باب في أكل الثوم.
الترمذي (4/ 261) 26 - كتاب الأطعمة، 13 - باب ما جاء في كراهية أكل الثوم والبصل.
النسائي (2/ 43) 8 - كتاب المساجد، 16 - من يمنع من المسجد.
ابن ماجه (2/ 1116) 29 - كتاب الأطعمة، 59 - باب أكل الثوم والبصل والكراث.

الصفحة 941