كتاب تحفة الأقران في ما قرئ بالتثليث من حروف القرآن

الخاطر، ويكون ربه تعالى قد أقسم باسمه على رسالته، وهو من أحسن
الأقسام وألطفها، أعني إذا كان بين القسم والمقسم به مناسبة.
ومنه قوله تعالى: (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا.
ومنه قول أبي تمام:
وثناياك، إنها إغريضُ. . .
وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما: (يس) : يا إنسان بالحبشية.
وقال ابن عبّاس أيضاً: هي في لغة طيء، وذلك أنهم يقولون إيسان بمعنى
إنسان، ويجمعونه على أياسين فهذا مختصر من الجمع. وقيل: (يا) حرف
نداء، والسين من إنسان بقية منه، وحذف سائره.
وقال الزمخشري: إن صحّ أن معناه يا إنسان على لغة طيء فوجهه أن
يكون الأصل: يا أنيسين، فكثُر النداء به على ألسنتهم حتى اقتصروا على
شطره، كما قالوا في القسم: مُنُ الله، في أيمن الله. وما قاله الزمخشري
غير سديد في اللفظ والمعنى: أما في اللفظ فإنّ إنساناً لا يُصَغر على
أُنيسين بالياء، بل المسموع فيه أُنيسان.
وأما في المعنى فإنّ التصغير والحذف غضّ من جانب النبوّة المعظّمة، لكنّ كرامته - صلى الله عليه وسلم - على ربّه، وعلوّ

الصفحة 182