كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 1)

فأسعد الناس المؤمن بربه، المطيع له، العابد له، وبسبب إيمانه وإخلاصه الله يحفظه من السوء والشرور، ويدفع عنه ما يضره، ويجلب له ما يسره ويسعده، ويغفر ذنوبه كما قال سبحانه: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)} [يوسف: 24].
وقد أجرى الله على عباده في الدنيا أحكامه الشرعية .. فمنه من آمن وهم السعداء .. ومنهم من كفر وهم الأشقياء.
فأهل الإيمان والتقوى لهم المثوبة والسعادة في الدنيا والآخرة.
وأهل الكفر والعناد لهم العقوبة الدنيوية والعقوبة الأخروية.
ويوم القيامة تجري على العباد أحكام الله الجزائية على ما عملوا من خير أو شر، وذلك يوم عظيم مشهود، يوم تجمع فيه الخلائق كلها لتستوفي أجر أعمالها في الدنيا، يشهده الله والملائكة وجميع المخلوقين: {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)} [هود: 105].
فالأشقياء: هم الذين كفروا بالله، وكذبوا رسله، وعصوا أمره.
والسعداء: هم اللذين آمنوا بالله، وصدقوا رسله، وأطاعوا أمره.
فأما جزاء الأشقياء فهو الخلود في النار كما قال سبحانه: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)} [هود: 106، 107].
وأما جزاء السعداء فهو الخلود في الجنة كما قال سبحانه: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)} [هود: 108].
وسعادة البشرية في الدنيا والآخرة مبنية على استقامتها على أوامر الله وتوحيده والإيمان به، وطاعته وطاعة رسوله، والسير على هديه في كل حال.
وإذا تركت الأمة ذلك أو بعضه فقد أحلت بنفسها عذاب الله وعقابه، والله قادر

الصفحة 1050