كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 1)

الذي يعنو له كل العبيد.
حيث لا يجد الإنسان في نفسه استكباراً عن الخضوع له، ولا يحس في نفسه صغاراً حين يخضع له لأنه حكم رب البشر: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)} [المائدة: 50].
وستظل الأمة شيعاً يذيق بعضها بأس بعض كما هو الواقع فما هو الحل؟.
الحل الذي يرفع الشقاء والعناء عن الأمة، ويأتي بالسعادة للبشرية في الدنيا والآخرة .. أن تتميز العصبة المؤمنة بما أكرمها الله به من الإيمان والأعمال الصالحة، والأخلاق العالية .. وإقامة الشعائر والشرائع في حياتها .. وتستقيم على هذا متيقنة أن الله معها يؤيدها وينصرها .. وتتميز بذلك عن الجاهلية المحيطة بها.
والجاهلية كل وضع وكل حكم وكل مجتمع لا تحكمه شريعة الله وحدها، وضرورة مفاصلتها للجاهلية من حولها .. باعتبار نفسها أمة متميزة عن غيرها من الذين يؤثرون البقاء على الجاهلية.
ولا نجاة للعصبة المؤمنة في كل أرض من أن يقع عليها هذا العذاب، لا نجاةله إلا بأن تنفصل بإيمانها، ومنهج حياتها عن أهل الجاهلية، حتى يأذن الله لها بقيام دار إسلام تعتصم بها، وإلا أن تشعر شعوراً كاملاً بأنها هي الأمة المسلمة، وأن ما حولها ومن حولها ممن لم يدخل فيما دخلت فيه جاهلية وأهل جاهلية، وأن تفاصل قومها على العقيدة والمنهج.
وأن تطلب بعد ذلك من الله أن يفتح بينها وبين قومها بالحق، وهو خير الفاتحين: {اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)} [الأعراف: 89].
فإنه لم تفعل هذا حق عليها وعيدالله هذا .. وهو أن تظل مع غيرها شيعة من الشيع في المجتمع .. لا تتبين نفسها .. ولا يتبينها الناس مما حولها، وعند ذلك

الصفحة 1052