كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 1)

أسباب ولوازم لا بد منها، وما يحصل لتقدير عدمه من الطاعات، وإن كان محبوباً له فهذا الفرح أحب إليه بكثير.
فله سبحانه من الحكمة في تقدير أسبابه وموجباته حكمة بالغة، ونعمة سابغة هذا بالإضافة إلى الرب سبحانه.
وأما بالإضافة إلى العبد فإنه قد يكون كمال عبوديته وخضوعه موقوفاً على أسباب لا تحصل بدونها.
فتقدير الذنب عليه، إذا اتصل به التوبة والإنابة والخضوع والذل والانكسار ودوام الافتقار، كان من النعم باعتبار غايته وما يعقبه، وإن كان من الامتحان والابتلاء باعتبار صورته ونفسه.
والرب سبحانه محمود على الأمرين:
فإن اتصل بالذنب الآثار المحمودة للرب سبحانه، من التوبة والإنابة فهو عين مصلحة العبد، وإن لم يتصل به ذلك فهذا لا يكون إلا من خبث نفسه وشره، وعدم استعداده لمجاورة ربه بين الأرواح الزكية الطاهرة في الملأ الأعلى.
والنفس فيها من الشر والخبث ما فيها، فلا بد من خروج ذلك منها من القوة إلى الفعل، ليترتب على ذلك الآثار المناسبة لها، ومساكنة من تليق مساكنته، ومجاورة الأرواح الخبيثة في المحل الأسفل.
فإن هذه النفوس إذا كانت مهيأة لذلك، فمن الحكمة أن تستخرج منها الأسباب التي توصلها إلى ما هي مهيأة له، ولا يليق بها سواه.
والرب سبحانه محمود على ذلك أيضاً، كما هو محمود على إنعامه وإحسانه إلى أهل الإحسان والإنعام القابلين له، فما كل أحد قابلاً لنعمته تعالى.
وحكمته وحمده تقتضي ألا يودع نعمه وإحسانه في محل غير قابل لها.
والحكمة في خلق هذه الأرواح التي هي غير قابلة لنعمته، قد تقوم أن خلق الأضداد والمتقابلات، وترتب آثارها عليها موجب ربوبيته وحكمته، وعلمه وعزته، وأن تقدير عدم ذلك هضم لجانب الربوبية.

الصفحة 1063