كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 1)

رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وجعل فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين.
ثم أرسل إليهم الرسل يدعونهم إليها، ثم يسر لهم الأسباب التي توصلهم إليها، وأعانهم عليها، ورضي منهم باليسير من العمل، في هذه المدة القصيرة بالنسبة إلى البقاء في دار الخلود.
وضمن لهم إن أحسنوا أن يثيبهم بالحسنة عشراً، وإن أساؤوا واستغفروه أن يغفر لهم.
وذكرهم بآلائه، وتعرف إليهم بأسمائه، وأمرهم بما أمرهم به رحمةً منه وإحساناً، لا حاجة منه إليهم، ونهاهم عما نهاهم عنه حمايةً وصيانةً لهم، لا بخلاً منه عليهم، فله الحمد والشكر حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده.
وفتح لهم أبواب العلم والهداية، وعرف لهم الأسباب التي تدنيهم من رضاه وتبعدهم عن غضبه، فله الحمد والشكر عدد خلقه، وزنة عرشه، ورضا نفسه، ومداد كلماته.
وأعلم عباده أنه لا يرضى لهم إلا أكرم الوسائل، وأفضل المنازل، وأجل العلوم والمعارف فقال سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
ومن أراد مطالعة أصول النعم المادية والروحية، الظاهرة والباطنة، فليتأمل القرآن من أوله إلى آخره، وسيرى ما عدد الله فيه من نعمه، وتعرف بها إلى عباده، وتوفيقه لأوليائه، وخذلانه لأعدائه، ومنازل هؤلاء، ومنازل هؤلاء.
فقد خلق الله البشر وابتلاهم بإبليس وحزبه، وتسليط أعدائهم عليهم، وامتحانهم بالشهوات والإرادات والهوى، لتعظم النعمة عليهم بمخالفتها ومحاربتها.
فلله على أوليائه وعباده أتم نعمة وأكملها في كل ما خلقه من محبوب ومكروه، ونعمة ومحنة، وفي كل ما أحدثه في الأرض من وقائعه بأعدائه، وإكرامه

الصفحة 1071