كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 1)

وهو غير مأذون له في أن يكره أحداً من هؤلاء وهؤلاء على الإسلام، لأن الإيمان لا يدخل القلوب بالإكراه، فالإكراه في الدين فوق أنه منهي عنه، هو كذلك لا ثمرة له، ولا منفعة منه: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)} [البقرة: 256].
فالإسلام جاء ليصحح اعتقادات أهل الكتاب وعموم الكفار، ويدعوهم للدخول فيه، لأنه الحق وحده، وما سواه باطل غير مقبول.
فلا ولاء إذاً بين المسلمين وأهل الكتاب لا من ناحية الإيمان، ولا من ناحية إقامة منهج الله في الحياة، فكيف يكون التولي؟.
وكيف يكون تعاون المسلم مع من لا يؤمن بالإسلام ديناً ومنهجاً ونظاماً للحياة؟.
فالولي هو الله، والناصر هو الله، والاستنصار بغيره ضلالة، كما أنه عبث لا ثمرة له، ولكن لا يواليهم إلا من في قلبه مرض من المنافقين الذين لا يدركون حقيقة الإيمان: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)} [المائدة: 52].
فالواجب على المسلمين أن ينتهوا عن موالاة اليهود والنصارى فضلاً عن سائر الكفار، لأنهم بموالاتهم يكونون معهم، ويرتدون بذلك عن الإسلام، ومن ارتد عن الإسلام بهذا الولاء أو بغيره فليس عند الله بشيء، وليس بمعجز الله، ولا ضار لدينه.
ولله أولياء وناصرون مدخرون في علم الله، إن ينصرف هؤلاء، يجيء الله بهؤلاء، يقومون بكل ما تركه أولئك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)} [المائدة: 54].

الصفحة 1082