كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 1)

فوا أسفاه .. على ضياع الأوقات، وبعثرة العمر، وبعثرة الفكر، وبعثرة الجهد في الشهوات والمخازي، والقبائح والكبائر والفواحش، واتباع الشياطين.
واحسرتاه .. لقد ظلت هذه الأمة تعاني من الجروح الدامية ما تعاني، وكلما التأم جرح انفجر جرح آخر.
فهل يكفي أن تسكب العَبرات على مثل هذا الواقع الأليم؟.
فمتى تؤوب هذه الأمة المسكينة إلى ربها؟.
وماذا يبقى للأمة إذا تجردت من لباس الدين والأخلاق والحياء؟.
واليوم نظرة عابرة إلى العالم الإنساني كافية لإلقاء الرعب في القلوب لو كانت هناك قلوب، فقد أسفر الصبح عن جيل راكع لشهواته لا لربه إلا ما رحم ربك، وكسرت أوامر الدين في كثير من البلاد.
فهل يُترك الناس بلا واعظ ولا مذكر، يتردون في بحار الظلمات، ويسقطون في أودية الغي والفساد والشهوات، وينحدرون في آبار الضلال والظلام والهلاك، ويعيشون كالحيوانات والشياطين؟.
وهل لهذا الوباء الذي عمّ وطمّ من سبب؟.
وإذا عرفنا سببه فهل من علاج لهذا الجرح الذي انفجر؟ .. وهذا الوباء الذي انتشر؟ .. وهذا القصر الذي انهدم؟ .. وهذه القلعة التي تصدعت؟ .. وهذه السفينة التي أوشكت على الغرق .. ؟.
أما لهذا الجرح من طبيب .. ؟.
أما لهذا القصر من مالك .. ؟.
أما لهذا البيت من حراس .. ؟.
ألا يستحي البشر من كفران النعم؟ .. ألا يخافون من بطش الجبار .. ؟.
أما لهم في سوق الدين من أرباح .. ؟.
أنسوا أن الله خلقهم وكرمهم، وهداهم واشتراهم .. ؟.
فما بالهم جفوا باب سيدهم ومالكهم، وتعلقوا بأذيال عدوهم .. ؟.

الصفحة 12