كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)} [البقرة: 143].
فاختار سبحانه أفضل القبل لأفضل الأمم، كما اختار لهم أفضل الرسل، وأفضل الكتب، وأفضل اللغات، وأخرجهم في خير القرون، وخصهم بأفضل الشرائع، ومنحهم خير الأخلاق، وأسكنهم خير الأرض، وجعل منازلهم في الجنة خير المنازل، وموقفهم في القيامة خير المواقف، فهم على تل عالٍ والناس تحتهم.
فسبحان من يختص برحمته من يشاء: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)} [الجمعة: 4].
فهذه الخصائص وغيرها من آثار رحمة الله وبركاته على أهل هذا البيت، وقد أمرنا الله عزَّ وجلَّ أن نصلي على أهل هذا البيت كما صلى الله عليهم وملائكته كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب: 56].
وأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نطلب من الله تعالى أن يبارك عليه وعلى آله كما بارك على أهل هذا البيت المعظم في كل صلاة بقولنا: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» متفق عليه (¬1).
فجزى الله أهل هذا البيت عن بريته أفضل الجزاء، وزادهم في الملأ الأعلى تعظيماً وتشريفاً، وصلى الله وسلم عليهم صلاة دائمة لا انقطاع لها.
¬_________
(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3370) واللفظ له، ومسلم برقم (406).

الصفحة 2086