كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

يؤذونهم، وتارة يسخرون منهم، وتارة يطردونهم، وتارة يقتلونهم: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)} [المائدة: 74].
وكل نبي جاء بالدين .. وجاء بجهد الدين.
فمن آمن به فاز وأفلح .. ومن خالفه واستغنى بملكه أو ماله أو جاهه أو تجارته أو زراعته أو صناعته أهلكه الله كما فعل الله بقوم نوح وعاد وثمود، وكما فعل بقوم لوط، وكما فعل بفرعون وقومه.
فإن قام مخالف واحد أهلكه الله كقارون.
وإن قامت عائلة أهلك الله العائلة .. وإن قام جماعة أهلك الله الجماعة .. وإن قام قوم أهلك الله القوم .. وإن قامت دولة أهلك الله الدولة .. وهكذا.
فلما بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى هذه الأمة بالإسلام قال لهم: انظروا للأنبياء السابقين كيف كانت عاقبة مخالفيهم؟.
كما قال سبحانه: {فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)} [النحل: 36].
فكل من قام مخلصاً بالدين وجهد الدين أيده الله بنصره وحفظه، فإن خالفه وآذاه واحد أهلكه الله، وإن خالفه جماعة، أو عائلة، أو قوم، أو قرية، أو دولة أهلكهم الله وتولى تدميرهم، وأنجى أولياءه كما قال سبحانه: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)} [المؤمنون: 44].
والله تبارك وتعالى ينصر المؤمنين من هذه الأمة كما نصر الأنبياء السابقين الذين يقدمون الشكوى إلى رب العالمين، ويتوجهون إلى ربهم ليكشف ما بهم من ضر، وينجيهم من أعدائهم، فاستجاب لهم وأنجاهم، ونصرهم وخذل أعداءهم، وهذه سنة جارية في نصر أوليائه وخذلان أعدائه كما قال سبحانه: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)} [محمد: 7 - 9].

الصفحة 2109