كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

والله تبارك وتعالى له الخلق كله، وله الأمر كله، وكل شيء وقع في وقته الذي هو أليق الأوقات بوقوعه فيه كان أحسن وأنفع وأجدى، كما إذا وقع الغيث في أحوج الأوقات إليه، وكما إذا وقع الفرج في وقته الذي يليق به.
وجميع أقدار الرب تعالى على عباده واقعة في أليق الأوقات بها فـ: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} [الطلاق: 3].
وقالت الملائكة: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64)} [مريم: 64].
ومن رحمة الله العزيز الرحيم بعباده أن أرسل إليهم الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له.
وكلما ضل الناس أو انصرفوا عن عبادة الله إلى غيره بعث نبياً يردهم إلى ربهم وخالقهم.
فبعث الله نوحاً - صلى الله عليه وسلم - أحوج ما كان الناس إلى بعثته.
وبعث سبحانه هوداً - صلى الله عليه وسلم - أحوج ما كان الناس إلى بعثته.
وبعث صالحاً - صلى الله عليه وسلم - أحوج ما كان الناس إلى بعثته.
وبعث سبحانه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أحوج ما كان الناس إلى بعثته.
وبعث موسى - صلى الله عليه وسلم - كذلك، وبعث عيسى - صلى الله عليه وسلم - كذلك.
وبعث محمداً - صلى الله عليه وسلم - أحوج ما كان أهل الأرض إلى إرساله.
فهدى به من الضلالة، ودل الأمة على ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وأخراهم، وكانت بعثته أعظم نعمة امتن الله بها على أهل الأرض قاطبة.
والله سبحانه خلق كل شيء، وأعطى كل موجود خلقه المختص به، ثم هداه إلى ما خلقه له من الأعمال.
فهدى الحيوان إلى جلب ما ينفعه ودفع ما يضره .. وهدى الجماد المسخر لما خلق له، فله هداية تليق به، ولكل نوع من الجماد والنبات والحيوان هداية تليق به.

الصفحة 2114