كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} [البقرة: 153].
والدين الذي بعث الله به الأنبياء والرسل هو منهج الحياة الذي أراده الله للبشر، ونظام الحياة الذي يربط حياة الناس بمنهج الله.
فكل دين جاء به الرسل يقوم على أربعة أصول:
الأول: الإيمان بالله وحده لا شريك له، والتوجه إليه، والاستعانة به في جميع الأحوال.
الثاني: الشعائر التعبدية التي تربط المخلوق بخالقه كالصلاة ونحوها.
الثالث: الشرائع والأحكام التي تنظم حياة الناس وفق أمر الله.
الرابع: الأخلاق العالية التي تهذب النفوس، وتزكي القلوب.
فالدين الحق الذي يريده الله وأرسل به رسله يقوم على هذه الأصول الأربعة جميعاً، فلا يمكن أن ينفك الإيمان عن الشعائر التعبدية، عن الشرائع والأحكام، عن القيم الأخلاقية، في أي دين يريد أن يصرف حياة الناس وفق المنهج الإلهي.
وأي انفصال لهذه المقومات يبطل عمل الدين في النفوس وفي الحياة، ويخالف مفهوم الدين الذي أراده الله عزَّ وجلَّ.
فالدين تنظيم كامل وشامل لحياة الناس كلها، لا يقتصر على المشاعر الوجدانية وحدها، ولا يقتصر على العبادات والشعائر وحدها، ولا يقتصر على الجانب التهذيبي للأخلاق وحده، ولا ينفصل فيها الجانب التشريعي عن الجانب الروحاني التعبدي الأخلاقي.
وبدون هذه الأمور مجتمعة لا يكون دين على الإطلاق كما قال سبحانه محذراً من فعل بعضها وترك الآخر: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)} [البقرة: 85].
فتوحيد الرب وعبادته وطاعته، وطاعة رسوله، والتخلق بأخلاقه، واتباع الشرائع

الصفحة 2119