كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 1)

ولولا أن الله بعث الهمة لجمعه، ويسر تأليفه وتحريره، ما تجولت في حقوله، ولا تمتعت برياضه، فاحمد الله أن جعلك من عباده المؤمنين، واغتنم علماً سطره لك علماء الأمة الأخيار، ما ركضت رجلك لتحصيله، ولا بسطت يدك لتحريره، ولا سهرت عينك في تدوينه، ولا اعتل بدنك في طلبه، ولا تعب عقلك في جمعه وترتيبه وتحريره.
وما أكثر غوامض المسائل التي تحتاج إلى التحرير والتقرير والنشر.
مسائل كالجبال في العظمة .. وكالبحار في الظلمة .. وكالذر في الدقة .. كشف الله لك بهذه الموسوعة عن سرها .. فأشرقت بنورها .. وفاح عليك عبيرها وأريجها.
فصار الجو صحواً .. والماء صفواً .. والمر حلواً .. والظلام نوراً .. والشك يقيناً.
قد لاح النور من خلاله .. وفاح المسك من أركانه.
فيا لها من نعمة ما أعظمها من الرب الكريم وحده، وهنيئاً لمن اغتنمها فتعلمها، وعمل بها، وعلمها: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)} [الجمعة: 4].
أسأله سبحانه أن ينفعني به، وينفع به الخاصة والعامة، وسائر المسلمين في أنحاء الأرض، وأن يجعله قرة للعيون، وبهجة للناظرين، ومسرة للطالبين.
وقد منَّ الله علينا وعليك، فيسر لنا جمعه وتأليفه .. ويسر لك تملكه ومطالعته .. فدونك خمسة عشر قصراً .. لا من قصور الدنيا الفانية، بل من قصور الدين النافعة الباقية.
ولكل قصر باب .. وفي كل قصر غرف واسعة .. مملوءة بما لذ وطاب من الأغذية النافعة .. والأدوية الشافية بإذن الله للعقل والقلب والجوارح.
علوم تبعث الهمة والرغبة في النفس .. وتسكب الإيمان والطمأنينة في القلب .. وتحرك الجوارح للطاعة والعبادة .. وتثمر للعبد تعظيم الله ومحبته .. وحمده وشكره .. ودوام ذكره .. وحسن عبادته .. ورحمة الخلق .. والإحسان إليهم.

الصفحة 25