كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

القول الطيب الذي يصعد إلى الله في علاه، والعمل الصالح الذي يرفعه الله إليه، ويكرمه بهذا الارتفاع، ومن ثم يكرم صاحبه ويمنحه العزة والاستعلاء كما قال سبحانه: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)} [آل عمران: 139].
والعزة العليا حقيقة تستقر في القلب قبل أن يكون لها مظهر في دنيا الناس، حقيقة تستقر في القلب فيستعلي بها المسلم على كل أسباب الذلة والانحناء لغير الله:
حقيقة يستعلي بها على نفسه أول ما يستعلي .. يستعلي بها على شهواته المذلة، ورغائبه القاهرة .. ومخاوفه ومطامعه من الناس.
ومتى استعلى على هذه فلن يملك أحد وسيلة لإذلاله وإخضاعه، فإنما تُذل الناس شهواتهم ورغباتهم، ومخاوفهم ومطامعهم، ومن استعلى عليها فقد استعلى على كل وضع، وعلى كل شيء، وعلى كل إنسان مهما كان وهذه هي العزة الحقيقية ذات القوة والاستعلاء والسلطان.
إن العزة ليست عناداً جامحاً يستكبر على الحق، ويتشامخ بالباطل.
وليست طغياناً فاجراً يضرب في عتو وتجبر وإصرار.
وليست اندفاعاً باغياً يخضع للنزوة، ويذل للشهوة.
وليست قوة عمياء تبطش بلا حق ولا عدل ولا صلاح.
كلا .. إنما العزة التي يتحلى بها المسلم هي:
استعلاء على شهوات النفس .. واستعلاء على القيد والذل ..
واستعلاء على الخضوع الخانع لغير الله .. ثم هي خضوع لله وخشوع .. وخشية لله وتقوى .. ومراقبة الله في السراء والضراء.
ومن هذا الخضوع ترتفع الجباه، ومن هذه الخشية تصمد لكل ما يأباه، ومن هذه المراقبة لا تعني إلا برضاه.
هذه هي العزة وذاك طريقها.

الصفحة 2668