كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

الْفِطْرَةِ، فَأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أو يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟». ثُمَّ يَقُولُ أبُو هُرَيْرَةَ: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} متفق عليه (¬1).
وخلو القلب مما خُلق له من عبادة الله تعالى التي تجمع محبته وتعظيمه، والخضوع له، والذل له، والوقوف مع أمره ونهيه، وما يحبه وما يسخطه، هذا أكبر خطر عليه، فإن ذلك يسبب له الشقاء في الدنيا والآخرة.
وإذا كان في القلب وجدان حلاوة الإيمان، وذوق طعمه، أغناه ذلك عن محبة الأنداد، وإذا خلا القلب من ذلك احتاج إلى أن يستبدل به ما يهواه، ويتخذه إلهه.
والحب في الله من كمال الإيمان .. والحب مع الله هو عين الشرك.
والدين كله يدور على أربع قواعد:
حب وبغض .. وفعل وترك.
فمن كان حبه وبغضه وفعله وتركه لله فقد استكمل الإيمان، وما نقص من إضافة هذه الأربعة إلى الله نقص من إيمانه بحسبه.
أما الحب مع الله فنوعان:
أحدهما: ما يقدح في أصل التوحيد وهو شرك، كمحبة المشركين لأصنامهم وأندادهم كما قال سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)} [البقرة: 165].
وهذه محبة تأله وموالاة يتبعها الخوف والرجاء والدعاء، وهذه المحبة محض الشرك الذي لا يغفره الله.
الثاني: محبة ما زينه الله للنفوس من النساء والبنين، والذهب والفضة، والخيل
¬_________
(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1359)، واللفظ له، ومسلم برقم (2658).

الصفحة 2678