كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

ولأجلها خلقت الجنة والنار، فالجنة دار أهلها الذين أخلصوها لله وحده فأخلصهم الله لها.
والنار دار من أشرك فيها مع الله غيره، وسوى بينه وبين الله فيها.
الثاني: محبة مشتركة، وهي ثلاثة أنواع:
أحدهما: محبة طبيعية مشتركة كمحبة الجائع للطعام، ومحبة الظمآن للماء ونحو ذلك، وهذه المحبة لا تستلزم التعظيم.
الثاني: محبة رحمة وإشفاق كمحبة الوالد لولده الطفل ونحوها، وهذه أيضاً لا تستلزم التعظيم.
الثالث: محبة أنس وإلف، وهذه محبة المشتركين في صناعة أو علم أو تجارة أو سفر، بعضهم بعضاً، وكمحبة الإخوة بعضهم بعضاً.
فهذه الأنواع الثلاثة هي المحبة التي تصلح للخلق بعضهم من بعض، ووجودها فيهم لا يكون شركاً في محبة الله سبحانه.
ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب الحلواء والعسل، وكان أحب الشراب إليه الحلو البارد، وكان أحب اللحم إليه الذراع، وكان يحب نساءه، وكان أحبهن إليه عائشة رضي الله عنها، وكان يحب أصحابه رضي الله عنهم، وأحبهم إليه الصديق رضي الله عنه.
وإذا استقرت محبة الله في القلب، استدعت من المحب إيثار محبوبه على غيره، وهذا الإيثار علامة ثبوتها وصحتها وصدقها.
فإن آثر غير المحبوب عليه لم يكن محباً له، وإنما هو محب لحظه ممن يحبه.
والمحبة الخالصة أن يحب المحبوب لكماله .. وأنه أهل أن يحب لذاته وصفاته .. وأن الذي يوجب هذه المحبة فناء العبد عن إرادته لمراد محبوبه .. فيكون عاملاً على مراد محبوبه منه .. لا على مراده هو من محبوبه.
وحب الله ورسوله يكون بالإيمان بالله، وإحياء سنة رسول الله في شعب الحياة كلها في العبادات والمعاملات، وفي المعاشرات والأخلاق.

الصفحة 2680