كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

أنه يزكو عليه، فمن ليس عنده نور الإيمان لا يستفيد من نور القرآن.
ولمعرفة الحق، والاستفادة منه، والعمل به، وقبوله، لا بدَّ من النور الخارجي وهو القرآن الذي فيه تبيان كل شيء، والنور الداخلي وهو الإيمان ومحله القلب، وإذا امتلأ القلب بالإيمان وتزين به فرَّق بين الحق والباطل، وأحب الطاعات، وأبغض المعاصي.
ولما جاء الإيمان في حياة الصحابة رضي الله عنهم جاء أمران:
الاستعداد لامتثال الأوامر .. وتقديم ما يحبه الله على ما تحبه النفس، ثم جاء أمران: الرضا عن المؤمنين .. والنصرة من الله عزَّ وجلَّ.
قال الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19)} [الفتح: 18،19].
فبجهد التجارة نحصل على المال .. وبجهد الزراعة نحصل على الثمار .. وبجهد الدعوة نحصل على مرضاة الله في الدنيا والآخرة .. {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} [فصلت: 33].
والحق نوعان:
حق موجود، فالواجب معرفته .. وحق مقصود، فالواجب إرادته والعمل به.
وقد فطر الله النفوس على محبة الإيمان دون الكفر، ومحبة العلم دون الجهل، ومحبة الصدق دون الكذب، ومحبة النافع دون الضار، ومتى حصل للعبد ضد ذلك فلمعارض من كبر أو هوى أو حسد ونحو ذلك.
كما أن الله عز وجل لصالح الجسد خلق فيه محبة الطعام والشراب الملائم له دون الضار، فإذا اشتهى ما يضره، أو كره ما ينفعه فلمرض في الجسد، وكذلك إذا اندفع عن النفس المعارض من الكبر والهوى والحسد ونحو ذلك أحب القلب ما ينفعه من العلم النافع، والعمل الصالح.
كما أن الجسد إذا اندفع عنه المرض أحب ما ينفعه من الطعام والشراب، وتلذذ به.

الصفحة 2715