كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

2 - فقه العدل والظلم
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل: 90].
وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)} [الصف: 7].
العدل أحد قواعد الدين والدنيا، الذي لا انتظام لهما إلا به، ولا صلاح لهما إلا معه، وهو الداعي إلى الإلفة، والباعث على الطاعة.
وبالعدل تنمو الأموال، وتعمر البلاد، وليس شيء أسرع في خراب الأرض، ولا أفسد لضمائر الخلق من الظلم والجور؛ لأنه لا يقف على حد، ولكل جزء من الظلم قسط من الفساد حتى يستكمل.
والعدل باب واسع، ومرجعه إلى عدل الإنسان في نفسه .. ثم عدله في غيره ..
فأما عدله في نفسه:
فيكون بحملها على المصالح والمحاسن .. وكفها عن المساوئ والقبائح .. والوقوف بها على أعدل الأمرين، فإن التجاوز فيها جور، والتقصير فيها ظلم .. ومن ظلم نفسه فهو لغيره أظلم.
وأما عدل الإنسان في غيره فهو أقسام:
منها عدل الإنسان فيمن دونه كالسلطان في رعيته، والرجل مع أهل بيته، والمعلم مع طلابه ونحو ذلك، والعدل هنا يكون بإعطاء كل ذي حق حقه، واتباع الأسهل الميسور، وترك الأشد المعسور، وعدم التسلط بالقوة.
ومنها عدل الإنسان مع من فوقه كالرعية مع السلطان، والولد مع والده، وأهل الرجل معه ونحو ذلك، والعدل هنا يكون بإخلاص الطاعة، وحسن الأدب، وصدق الولاء، وبذل النصرة، ودوام المناصحة.
ومنها عدل الإنسان مع أمثاله وأكفائه من الرجال والنساء، والعلماء والدعاة

الصفحة 2717