كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

الثاني: وجه كالح طالح محرم، وهو إخراجه من أجل الحصول على الربا.
والربا: إخراج المال ثم استرداده، ومعه زيادة محرمة مقتطعة من جهد المدين أو لحمه.
فالزكاة والصدقات مقابل للنظام الربوي الذي يمحق الأموال.
فالأول أمر به الرحمن الرحيم، والثاني أمر به الشيطان الرجيم.
ولما قام سوق الربا اختفى سوق الزكاة إلا ما شاء الله، وبهتت صورة الزكاة حتى ظنها بعض الناس إحساناً فردياً هزيلاً، فمن شاء أخرجها ومن شاء منعها، وحظ البشرية التي حرمت نفسها الدين أنها خسرت الدنيا والآخرة، وحرمت نفسها الطمأنينة والرضا، فوق حرمانهم من الأجر والثواب، وحرموا من الخير الذي يبشر الله به عباده وأولياءه بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277)} [البقرة: 277].
إن الذي يملك حق التحليل والتحريم في هذا الكون هو الذي خلقه، وهو الله وحده لا شريك له، وليس ذلك لأحد من البشر، لا فرد، ولا طبقة، ولا أمة.
وكل جهة أخرى تحلل أو تحرم شيئاً في حياة البشر فإنما تصدر أحكاماً باطلة بطلاناً أصلياً، فليس لأحد غير الله أن يحلل أو يحرم في طعام أو شراب أو نكاح، ولا في لباس، ولا في حركة، ولا في عمل، ولا في عقد، إلا أن يستمد سلطانه من الله حسب شريعة الله.
وكل ما يشرعه البشر للبشر بغير سلطان من الله فهو من حكم الجاهلية، وهو اعتداء على حق الله في خلقه، ومن ثم فهو باطل بطلاناً أصلياً فما أعظم جرم هؤلاء الذين يشرعون للناس من دون الله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)} [الشورى: 21].
وكل ما أحله الله عزَّ وجلَّ فهو الطيب، وكل ما حرمه فهو الخبيث، وليس

الصفحة 2759