كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} [البقرة: 272].
فالمؤمن ينفق الطيب خالصاً لوجه الله، ومن ثم يطمئن لقبول الله لصدقته، ويطمئن لبركة الله في ماله، ويطمئن لثواب الله وعطائه، ويطمئن إلى حصول الخير والإحسان إليه من ربه، جزاء الخير والإحسان لعباد الله.
ويزكو ويتطهر بما أعطى في حياته، وعطاء الآخرة، ودخول الجنة بعد ذلك كله فضل.
والله تبارك وتعالى أمرنا بالإحسان إلى جميع الناس، فالخلق كلهم عيال الله فهو الذي يعولهم ويربيهم بنعمه الظاهرة والباطنة، وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله وأرحمهم بهم: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} [آل عمران: 134].
وقد خص الله بالذكر مصرفاً من أهم مصارف الصدقة من المؤمنين ليحرك القلوب لإدراك نفوس وقفت نفسها لله، وفي سبيل الله، وهي نفوس أبية، تأنف السؤال، وتأبى الكلام.
فلا بدَّ أن تدرك بالمدد فلا تهون، وبالإسعاف فلا تضام.
هؤلاء قوم كرام معوزون بذلوا أوقاتهم من أجل إعلاء كلمة الله، اكتنفتهم ظروف تمنعهم من الكسب قهراً، وأمسكت بهم كرامتهم أن يسألوا العون، إنهم يتحملون كي لا تظهر حاجتهم، وكثيراً ما يغفل الناس عنهم، يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف.
فما أعظم الصدقة والإحسان إلى هؤلاء الفقراء الكرام الذين يكتمون الحاجة كأنما يغطون العورة تعففاً وحياءً.
وما أجمل إعطاءهم سراً، وفي تلطف لا يخدش إباءهم، ولا يجرح كرامتهم، هؤلاء قوم كرام، وقد وصفهم الله بست صفات ليعرفهم من يريد الإحسان إليهم، والصدقة عليهم، فهناك الثواب العظيم، والأجر الجزيل على من أنفق

الصفحة 2818