كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

4 - فقه الحج
قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} [آل عمران: 97].
وقال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (197)} [البقرة: 197].
الحج ركن من أركان الإسلام، وهو مؤتمر المسلمين الجامع على مستوى العالم، الذي يتلاقون فيه مجردين من كل آصرة سوى آصرة الإسلام، متجردين من كل سمة إلا سمة الإسلام، عرايا من كل شيء إلا من ثوب غير مخيط يستر العورة، ولا يميز فرداً عن فرد، ولا قبيلة عن قبيلة، ولا جنساً عن جنس.
لهم نسب واحد هو الإسلام .. ولهم صبغة واحدة هي شعائر الإسلام وشرائعه وأخلاقه: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)} [البقرة: 138].
وقد كانت قريش في الجاهلية تسمي نفسها الحُمس، ويتخذون لأنفسهم امتيازات تفرقهم عن سائر العرب، ومن ذلك أنهم لا يقفون مع سائر الناس في عرفات، ولا يخرجون من الحرم، ولا يفيضون مع الناس.
فجاءهم الأمر من الله ليردهم إلى المساواة التي أرادها الله، وإلى الاندماج الذي يلغي هذه الفوارق المصطنعة بين الناس، والتوبة من تلك الذنوب كما قال سبحانه: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)} [البقرة: 198، 199].
فالعامة والخاصة، والأغنياء والفقراء، والذكور والإناث، والسادة والعبيد،

الصفحة 2830