كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

[غافر: 60].
ويمنع إجابة الدعاء أمور منها:
أكل الحرام .. الاعتداء في الدعاء .. غفلة القلب .. وضعف اليقين .. واللبس الحرام .. وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. والظلم.
فإذا دعونا دعاء الأنبياء، وكانت حياتنا حياة أعداء الأنبياء، أو جهدنا جهد أعداء الأنبياء، فأنى يُستجاب لنا أو يُقبل دعاؤنا؟.
وأفضل الدعاء وأعظمه وأحسنه طلب الهداية من الله، ولذلك شرع الله لنا تكرار طلبه في كل صلاة عدة مرات كما قال سبحانه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)} [الفاتحة: 6].
وأفضل الدعاء دعاء الأنبياء والرسل، وكله ليس فيه طلب لعرض من أعراض هذه الأرض، إنه دعاء يتجه إلى آفاق أعلى، تحركه مشاعر أصفى، لطلب العلم النافع، والعمل الصالح، والفوز بالجنة والرضوان.
إنه دعاء القلب الذي عرف الله وعرف ما عنده فأصبح يحتقر ما عداه كما قال إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)} [الشعراء: 83 - 89].
وفي مقام آخر: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)} [البقرة: 127، 128].
والله تبارك وتعالى خلق الناس فقراء كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)} [فاطر: 15].
فالخلق كلهم فقراء إلى الله من جميع الوجوه:
فقراء إلى الله في خلقهم، فلولا خلقه لهم لم يوجدوا.

الصفحة 2843